الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البحر المحيط في تفسير القرآن العظيم (نسخة منقحة)
.تفسير الآيات (70- 74): {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (73) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (74)}الحفدة: الأعوان والخدم، ومن يسارع في الطاعة حفد يحفد حفداً وحفوداً وحفداناً، ومنه: وإليك نسعى ونحفد أي: نسرع في الطاعة. وقال الشاعر:وقال الأعشى: وتتعدى فيقال: حفدني فهو حافدي. قال الشاعر: قال أبو عبيدة: وفيه لغة أخرى، أحفد إحفاداً، وقال: الحفد العمل والخدمة. وقال الخليل: الحفدة عند العرب الخدم. وقال الأزهري: الحفدة أولاد الأولاد، وقيل: الأختان. وأنشد: {والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يُرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئاً إن الله عليم قدير والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادّي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السموات والأرض شيئاً ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون}: لما ذكر تعالى تلك الآيات التي في الأنعام والثمرات والنحل، ذكر ما نبهنا به على قدرته التامة في إنشائنا من العدم وإماتتنا، وتنقلنا في حال الحياة من حالة الجهل إلى حالة العلم، وذلك كله دليل على القدرة التامة والعلم الواسع، ولذلك ختم بقوله: عليم قدير.وأرذل العمر آخره الذي تفسد فيه الحواس، ويختل النطق والفكر. وخص بالرذيلة لأنها حالة لا رجاء بعدها لإصلاح ما فسد، بخلاف حال الطفولة فإنها حالة تتقدم فيها إلى القوة وإدراك الأشياء ولا يتقيد أرذل العمر بسن مخصوص، كما روي عن علي: أنه خمس وسبعون سنة. وعن قتادة: أنه تسعون، وإنما ذلك بحسب إنسان إنسان فرب ابن خمسين انتهى، إلى أرذل العمر، ورب ابن مائة لم يرد إليه. والظاهر أنّ من يرد إلى أرذل العمر عام، فيمن يلحقه الخرف والهرم. وقيل: هذا في الكافر، لأن المسلم لا يزداد بطول عمره إلا كرامة على الله، ولذلك قال تعالى: {ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} أي لم يردوا إلى أسفل سافلين. وقال قتادة: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر.واللام في لكي قال الحوفي: هي لام كي دخلت على كي للتوكيد، وهي متعلقة ببرد انتهى. والذي ذهب إليه محققو النحاة في مثل لكي أنّ كي حرف مصدري إذا دخلت عليها اللام وهي الناصبة كأن، واللام جارة، فينسبك من كي والمضارع بعدها مصدر مجرور باللام تقديراً، فاللام على هذا لم تدخل على كي للتوكيد لاختلاف معناهما واختلاف عملهما، لأن اللام مشعرة بالتعليل، وكي حرف مصدري، واللام جارة، وكي ناصبة.وقال ابن عطية: يشبه أن تكون لام صيرورة والمعنى: ليصير أمره بعد العلم بالأشياء إلى أن لا يعلم شيئاً. وهذه عبارة عن قلة علمه، لا أنه لا يعلم شيئاً البتة. وقال الزمخشري: ليصير إلى حالة شبيهة بحالة في النسيان، وأن يعلم شيئاً ثم يسرع في نسيانه فلا يعلمه إنْ سئل عنه. وقيل: لئلا يعقل من بعد عقله الأول شيئاً. وقيل: لئلا يعلم زيادة علم على علمه انتهى. وانتصب شيئاً إما بالمصدر على مذهب البصريين في اختيار أعماله ما يلي للقرب، أو بيعلم على مذهب الكوفيين في اختيار أعمال ما سبق للسبق.ولما ذكر ما يعرض في الهرم من ضعف القوى والقدرة وانتفاء العلم، ذكر علمه وقدرته اللذين لا يتبدلان ولا يتغيران ولا يدخلهما الحوادث، ووليت صفة العلم ما جاورها من انتفاء العلم، وتقدم أيضاً ذكر مناسبة للختم بهذين الوصفين. ولما ذكر تعالى خلقنا، ثم إماتتنا وتفاوتنا في السن، ذكر تفاوتنا في الرزق، وأن رزقنا أفضل من رزق المماليك وهم بشر مثلنا، وربما كان المملوك خيراً من المولى في العقل والدين والتصرف، وأن الفاضل في الرزق لا يساهم مملوكه فيما رزق فيساويه، وكان ينبغي أن يردّ فضل ما رزق عليه ويساويه في المطعم والملبس، كما يحكى عن أبي ذرّ أنه ريء عبده وإزاره ورداؤه مثل ردائه من غير تفاوت، عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما هم أخوانكم فاكسوهم مما تلبسون واطعموهم مما تطعمون» وعن ابن عباس وقتادة: أنّ الإخبار بقوله: فما الذين فضلوا برادي رزقهم على سبيل المثل أي: إنّ المفضلين في الرزق لا يصح منهم أن يساهموا مماليكهم فيما أعطوا حتى تستوي أحوالهم، فإذا كان هذا في البشر فكيف تنسبون أنتم أيها الكفرة إلى الله تعالى أنه يشرك في ألوهيته الأوثان والأصنام، ومن عبد من الملائكة وغيرهم والجميع عبيده وخلقه؟ وعن ابن عباس: أن الآية مشيرة إلى عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. وقال المفسرون: هذه الآية كقوله: {ضرب لكم مثلاً من أنفسكم} الآية. وقيل: المعنى أن الموالي والمماليك أنا رازقهم جميعاً، فهم في رزقي سواء، فلا تحسبن الموالي أنهم يردون على مماليكهم من عندهم شيئاً من الرزق، فإنما ذلك أجريه إليهم على أيديهم. وعلى هذا القول يكون فهم فيه سواء جملة إخبار عن تساوي الجميع في أكن الله تعالى هو رازقهم، وعلى القولين الآخرين تكون الجملة في موضع جواب النفي كأنه قيل: فيستووا.وقيل: هي جملة استفهامية حذف منها الهمزة التقدير: أفهم فيه سواء أي: ليسوا مستوين في الرزق، بل التفضيل واقع لا محالة. ثم استفهم عن جحودهم نعمة استفهام إنكار، وأتى بالنعمة الشاملة للرزق وغيره من النعم التي لا تحصى أي: إنّ من تفضل عليكم بالنشأة أولاً ثم مما فيه قوام حياتكم جدير بأن تشكر نعمه ولا تكفر.وقرأ أبو بكر عن عاصم، وأبو عبد الرحمن، والأعرج بخلاف عنه: تجحدون بالتاء على الخطاب لقوله: فضل، تبكيتاً لهم في جحد نعمة الله. ولما ذكر تعالى امتنانه بالإيجاد ثم بالرزق المفضل فيه، ذكر امتنانه بما يقوم بمصالح الإنسان مما يأنس به ويستنصر به ويخدمه، واحتمل أن أنفسكم أن يكون المراد من جنسكم ونوعكم، واحتمل أن يكون ذلك باعتبار خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم، فنسب ذلك إلى بني آدم، وكلا الاحتمالين مجاز. والظاهر أن عطف حفدة على بنين يفيد كون الجميع من الأزواج، وأنهم غير البنين. فقال الحسن: هم بنو ابنك. وقال ابن عباس والأزهري: الحفدة أولاد الأولاد، واختاره ابن العربي. وقال ابن عباس أيضاً: البنون صغار الأولاد، والحفدة كبارهم. وقال مقاتل: بعكسه، وقيل: البنات لأنهنّ يخدمن في البيوت أتم خدمة. ففي هذا القول خص البنين بالذكران لأنه جمع مذكر كما قال: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا} وإنما الزينة في الذكورة. وعن ابن عباس: هم أولاد الزوجة من غير الزوج التي هي في عصمته. وقيل: وحفدة منصوب بجعل مضمرة، وليسوا داخلين في كونهم من الأزواج. فقال ابن مسعود، وعلقمة، وأبو الضحى، وابراهيم بن جبير: الأصهار، وهم قرابة الزوجة كأبيها وأخيها. وقال مجاهد: هم الأنصار والأعوان والخدم. وقالت فرقة: الحفدة هم البنون أي: جامعون بين البنوة والخدمة، فهو من عطف الصفات لموصوف واحد. قال ابن عطية ما معناه: وهذه الأقوال مبنية على أن كل أحد جعل له من زوجه بنين وحفدة، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس. ويحتمل عندي أن قوله من أزواجكم، إنما هو على العموم والاشتراك أي: من أزواج البشر جعل الله منهم البنين، ومنهم جعل الخدمة، وهكذا رتبت الآية النعمة التي تشمل العالم. ويستقيم لفظ الحفدة على مجراها في اللغة، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة انتهى. وفي قوله: من أنفسكم أزواجاً دلالة على كذب العرب في اعتقادها أن الآدمي قد يتزوج من الجن ويباضعها، حتى حكوا ذلك عن عمرو بن هندانة تزوج سعلاة.ومِن في الطيبات للتبعيض، لأن كل الطيبات في الجنة، والذي في الدنيا أنموذج منها. والظاهر أنّ الطيبات هنا المستلذات لا الحلال، لأن المخاطبين كفار لا يتلبسون بشرع. ولما ذكر تعالى ما امتن به من جعل الأزواج وما ننتفع به من جهتين، ذكر مننه بالرزق.والطيبات عام في النبات والثمار والحبوب والأشربة، ومن الحيوان. وقيل: الطيبات الغنائم. وقيل: ما أتى من غير نصب. وقال مقاتل: الباطل الشيطان، ونعمة لله محمد صلى الله عليه وسلم. وقال الكلبي: طاعة الشيطان في الحلال والحرام. وقيل: ما يرجى من شفاعة الأصنام وبركتها. قال الزمخشري: أفبالباطل يؤمنون وهو ما يعتقدون من مننفعة الأصنام وبركتها وشفاعتها، وما هو إلا وهم باطل لم يتوصلوا إليه بدليل ولا أمارة، فليس لهم إيمان إلا به. كأنه شيء معلوم مستيقن. ونعمة الله المشاهدة المعاينة التي لا شبهة فيها لذي عقل، وتمييزهم كافرون بها منكرون لها كما ينكر المحال الذي لا تتصوره العقول. وقيل: الباطل ما يسول لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة وغيرهما، ونعمة الله ما أحل لهم انتهى. وقرأ الجمهور: يؤمنون بالياء، وهو توقيف للرسول صلى الله عليه وسلم على إيمانهم بالباطل، ويندرج في التوقيف المعطوف بعدها. وقرأ السلمي بالتاء، ورويت عن عاصم، وهو خطاب إنكار وتقريع لهم، والجملة بعد ذلك مجرد إخبار عنهم. فالظاهر أنه لا يندرج في التقريع. ويعبدون، استفهام أخبار عن حالهم في عبادة الأصنام، وفي ذلك تبيين لقوله: أفبالباطل يؤمنون، نعى عليهم فساد نظرهم في عبادة ما لا يمكن أن يقع منه ما يسعى عابده في تحصيله منه وهو الرزق، ولا هو في استطاعته. فنفى أولاً أن يكون شيء من الرزق في ملكهم، ونفى ثانياً قدرتها على أن تحاول ذلك، وما لا تملك في جميع من عبد من دون الله من ملك أو آدمي أو غير ذلك. وأجازوا في شيئاً انتصابه بقوله: رزقاً، أجاز ذلك أبو عليّ وغيره. ورد عليه ابن الطراوة بأنّ الرزق هو المرزوق كالرعي والطحن، والمصدر هو الرزق بفتح الراء كالرعي والطحن. ورد على ابن الطراوة بأنّ الرزق بالكسر يكون أيضاً مصدراً، وسمع ذلك فيه، فصح أنْ يعمل في المفعول به والمعنى: ما لا يملك أن يرزق من السموات والأرض شيئاً. ومن السموات متعلق إذ ذاك بالمصدر. قال ابن عطية بعد أن ذكر أعمال المصدر منوناً: والمصدر يعمل مضافاً باتفاق، لأنه في تقدير الانفصال، ولا يعمل إذا دخله الألف واللام لأنه قد توغل في حال الأسماء وبعد عن الفعلية. وتقدير الانفصال في الإضافة حسن عمله، وقد جاء عاملاً مع الألف واللام في قول الشاعر: انتهى. أما قوله: يعمل مضافاً بالاتفاق إنْ عنى من البصريين فصحيح، وإن عنى من النحويين فغير صحيح، لأنّ بعض النحويين ذهب إلى أنه وإن أضيف لا يعمل، وإن نصب ما بعده أو رفعه إنما هو على إضمار الفعل المدلول عليه بالمصدر. وأما قوله: لأنه في تقدير الانفصال ليس كذلك، لأنه لو كان في تقدير الانفصال لكانت الإضافة غير محضة، وقد قال بذلك أبو القاسم بن برهان، وأبو الحسين بن الطراوة، ومذهبهما فاسد لنعت هذا المصدر المضاف، وتوكيده بالمعرفة.وأما قوله: ولا يعمل إلى آخره فقد ناقض في قول أخيراً: وقد جاء عاملاً مع الألف واللام. وأما كونه لا يعمل مع الألف واللام فهو مذهب منقول عن الكوفيين، ومذهب سيبويه جواز أعماله. قال سيبويه: وتقول عجبت من الضرب زيداً، كما تقول: عجبت من الضارب زيداً، تكون الألف واللام بمنزلة التنوين. وإذا كان رزقاً يراد به المرزوق فقالوا: انتصب شيئاً على أنه بدل من رزقاً، كأنه قيل: ما لا يملك لهم من السموات والأرض شيئاً، وهو البدل جارياً على جهة البيان لأنه أعم من رزق، ولا على جهة التوكيد لأنه لعمومه ليس مرادفاً، فينبغي أن لا يجوز، إذ لا يخلو البدل من أحد نوعيه هذين. إما البيان، وإما التوكيد. وأجازوا أيضاً أن يكون مصدراً أي: شيئاً من الملك كقوله: ولا تضرونه شيئاً أي شيئاً من الضرر. وعلى هذين الإعرابين تتعلق من السموات بقوله: لا يملك، أو يكون في موضع الصفة لرزق فيتعلق بمحذوف.ومن السموات رزقاً يعني به المطر، وأطلق عليه رزق لأنه عنه ينشأ الرزق. والأرض يعني: الشجر، والثمر، والزرع. والظاهر عود الضمير في يستطيعون على ما على معناها، لأنه يراد بها آلهتهم، بعدما عاد على اللفظ في قوله: ما لا يملك، فأفرد وجاز أن يكون داخلاً في صلة ما، وجاز أنْ لا يكون داخلاً، بل إخبار عنهم بانتفاء الاستطاعة أصلاً، لأنهم أموات. وأما قول الزمخشري: إنه يراد بالجمع بين نفي الملك والاستطاعة التوكيد فليس كما ذكر، لأنّ نفي الملك مغاير لنفي الاستطاعة. وقال ابن عباس: ولا يستطيعون أن يرزقوا أنفسهم. وجوز الزمخشري وابن عطية: أن يعود الضمير على ما عاد عليه في قوله: ويعبدون، وهم الكفار أي: ولا يستطيع هؤلاء مع أنهم أحياء متصرفون أولو ألباب من ذلك شيئاً، فكيف بالجماد الذي لا حس به؟ قاله الزمخشري. وقال ابن عطية: لا يستطيعون ذلك ببرهان يظهرونه وحجة يثبتونها انتهى.ونهى تعالى عن ضرب الأمثال لله، وضرب الأمثال تمثيلها والمعنى هنا: تمثيل للإشراك بالله والتشبيه به، لأن من يضرب الأمثال مشبه حالاً بحال. وقصة بقصة من قولهم: هذا ضرب لهذا أي: مثل، والضرب النوع. تقول: الحيوان على ضروب أي أنواع، وهذا من ضرب واحد أي: من نوع واحد. وقال ابن عباس: معناه لا تشبهوه بخلقه انتهى. وقال: إن الله يعلم أثبت العلم لنفسه، والمعنى: أنه يعلم ما تفعلون من عبادة غيره والإشراك به، وعبر عن الجزاء بالعلم: وأنتم لا تعلمون كنه ما أقدمتم عليه، ولا وبال عاقبته، فعدم علمكم بذلك جركم وجرأكم وهو كالتعليل للنهي عن الإشراك. قال الزمخشري: ويجوز أن يراد أنّ الله يعلم كيف نضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون انتهى. وقاله ابن السائب قال: يعلم بضرب المثل، وأنتم لا تعلمون ذلك. وقال مقاتل: يعلم أنه ليس له شريك، وأنتم لا تعلمون ذلك. وقيل: يعلم خطأ ما تضربون من الأمثال، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطته.
|